سورة الشعراء - تفسير تفسير النسفي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الشعراء)


        


{وَزِنُواْ بالقسطاس المستقيم} وبكسر القاف كوفي غير أبي بكر وهو الميزان أو القبان، فإن كان من القسط وهو العدل وجعلت العين مكررة فوزنه فعلاس وإلا فهو رباعي.
{وَلاَ تَبْخَسُواْ الناس} يقال بخسته حقه إذا نقصته إياه {أَشْيَاءهُمْ} دراهمهم ودنانيرهم بقطع أطرافهما {وَلاَ تَعْثَوْاْ فِى الأرض مُفْسِدِينَ} ولا تبالغوا فيها في الإفساد نحو: قطع الطريق والغارة وإهلاك الزروع. وكانوا يفعلون ذلك فنهوا عنه. يقال: عثا في الأرض إذا أفسد وعثي في الأرض لغة في عثا.
{واتقوا الذى خَلَقَكُمْ والجبلة} {الجبلة} عطف على (كم) أي اتقوا الذي خلقكم وخلق الجبلة {الأولين} الماضين {قَالُواْ إِنَّمَا أَنتَ مِنَ المسحرين وَمَا أَنتَ إِلاَّ بَشَرٌ مّثْلُنَا} إدخال الواو هنا ليفيد معنيين كلاهما مناف الرسالة عندهم: التسحير والبشرية. وتركها في قصة ثمود ليفيد معنى واحداً وهو كونه مسحراً، ثم كرر بكونه بشراً مثلهم {وَإِن نَّظُنُّكَ لَمِنَ الكاذبين} (إن) مخففة من الثقيلة واللام دخلت للفرق بينهما وبين النافية. وإنما تفرقتا على فعل الظن وثاني مفعوليه لأن أصلهما أن يتفرقا على المبتدأ والخبر كقولك (إن زيداً لمنطلق) فلما كان بابا (كان) و(ظننت) من جنس باب المبتدأ والخبر فعل ذلك في البابين فقيل: إن كان زيد لمنطلقاً وإن ظننته لمنطلقاً {فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفاً} {كِسُفا} حفص وهما جمعا كسفة وهي القطعة وكسفه قطعه {مّنَ السماء} أي السحاب أو الظلة {إِن كُنتَ مِنَ الصادقين} أي إن كنت صادقاً أنك نبي فادع الله أن يسقط علينا كسفاً من السماء أي قطعاً من السماء عقوبة.


{قَالَ رَبّى} بفتح الياء: حجازي وأبو عمرو، وبسكونها: غيرهم {أَعْلَمُ بِمَا تَعْمَلُونَ} أي إن الله أعلم بأعمالكم وبما تستحقون عليها من العذاب، فإن أراد أن يعاقبكم بإسقاط كسف من السماء فعل، وإن أراد عقاباً آخر فإليه الحكم والمشيئة {فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظلة} هي سحابة أظلتهم بعدما حبست عنهم الريح وعذبوا بالحر سبعة أيام فاجتمعوا تحتها مستجيرين بها مما نالهم من الحر فأمطرت عليهم ناراً فاحترقوا {إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّؤْمِنِينَ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ العزيز الرحيم} وقد كرر في هذه السورة في أول كل قصة وآخرها ما كرر تقريراً لمعانيها في الصدور ليكون أبلغ في الوعظ والزجر، ولأن كل قصة منها كتنزيل برأسه، وفيها من الاعتبار مثل ما في غيرها فكانت جديرة بأن تفتتح بما افتتحت به صاحبتها وأن تختتم بما اختتمت به.
{وَإِنَّهُ} أي القرآن {لَتَنزِيلُ رَبّ العالمين} منزل منه {نَزَلَ بِهِ} مخفف والفاعل {الروح الأمين} أي جبريل لأنه أمين على الوحي الذي فيه الحياة. حجازي وأبو عمرو وزيد وحفص، وغيرهم بالتشديد. ونصب {الروح} والفاعل هو الله تعالى أي جعل الله الروح نازلاً به، والباء على القراءتين للتعدية {على قَلْبِكَ} أي حفظك وفهمك إياه وأثبته في قلبك إثبات ما لا ينسى كقوله: {سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تنسى} [الأعلى: 5] {لِتَكُونَ مِنَ المنذرين بِلِسَانٍ عَرَبِىّ} بلغة قريش وجرهم {مُّبِينٌ} فصيح ومصحح عما صحفته العامة. والباء إما أن يتعلق ب {المنذرين} أي لتكون من الذين أنذروا بهذا اللسان وهم هود وصالح وشعيب وإسماعيل عليهم السلام، أو ب {نزل} أي نزله بلسان عربي لتنذر به لأنه لو نزله بلسان أعجمي لتجافوا عنه أصلاً ولقالوا: ما نصنع بما لا نفهمه فيتعذر الإنذار به. وفي هذا الوجه أن تنزيله بالعربية التي هي لسانك ولسان قومك تنزيل له على قلبك لأنك تفهمه وتفهّمه قومك، ولو كان أعجمياً لكان نازلاً على سمعك دون قلبك لأنك تسمع أجراس حروف لا تفهم معانيها ولا تعيها، وقد يكون الرجل عارفاً بعدة لغات فإذا كلم بلغته التي نشأ عليها لم يكن قلبه ناظراً إلا إلى معاني الكلام، وإن كلم بغيرها كان نظره أولاً في ألفاظها ثم في معانيها، وإن كان ماهراً بمعرفتها فهذا تقرير أنه نزل على قلبه لنزوله بلسان عربي مبين.


{وَإِنَّهُ} وإن القرآن {لَفِى زُبُرِ الأولين} يعني ذكره مثبت في سائر الكتب السماوية. وقيل: إن معانيه فيها، وفيه دليل على أن القرآن قرآن إذا ترجم بغير العربية فيكون دليلاً على جواز قراءة القرآن بالفارسية في الصلاة.
{أَوَلَمْ يَكُن لَّهُمْ ءايَةً} {ولم تكن لهم آيةٌ} شامي، جعلت آية اسم (كان) وخبره {أَن يَعْلَمَهُ} أي القرآن لوجود ذكره في التوراة. وقيل: في {تكن} ضمير القصة و{آية} خبر مقدم والمبتدأ {أن يعلمه} والجملة خبر (كان). وقيل: (كان) تامة والفاعل {آية} و{أن يعلمه} بدل منها أو خبر مبتدأ محذوف أي أولم تحصل لهم آية. وغيره {يكن} بالتذكير و{آية} بالنصب على أنها خبره و{أن يعلمه} هو الاسم وتقديره: أولم يكن لهم علم علماء بني إسرائيل {عُلماءُ بَنِى إسراءيل} كعبد الله بن سلام وغيره قال الله تعالى: {وَإِذَا يتلى عَلَيْهِمْ قَالُواْ ءامَنَّا بِهِ إِنَّهُ الحق مِن رَّبّنَا إنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ} [القصص: 53] وخط في المصحف علماؤا بواو قبل الألف {وَلَوْ نزلناه على بَعْضِ الأعجمين} جمع أعجم وهو الذي لا يفصح وكذلك الأعجمي إلا أن فيه لزيادة يا ء النسبة زيادة تأكيد، ولما كان من يتكلم بلسان غير لسانهم لا يفقهون كلامه قالوا له أعجم وأعجمي شبهوه بمن لا يفصح ولا يبين، والعجمي الذي من جنس العجم أفصح أولم يفصح. وقرأ الحسن {الأعجميين} وقيل: الأعجمين تخفيف الأعجميين كما قالوا الأشعرون أي الأشعريون بحذف يا ء النسبة ولولا هذا التقدير لم يجز أن يجمع جمع السلامة لأن مؤنثه عجماء.

5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12